مجلة مملكة الحب //بقلم سهير البحراني نقد بناء

الإبداع الشعري في زمن الحجر الصحي
-----
جمالية الصور الشعرية في رثاء كورنا للشاعرة نضال الدليمي
سهير خالد البحراني
...............
للقبض على جوهر الصورة الشعرية في نص رثاء في زمن الكورونا للشاعرة نضال الدليمي ينبغي الإقرار مسبقاً بأن عناصرها متعددة ولذلك ينبغي الغوص وراء معانيهاودراسة أساليب بنائها كما تتجلى في متنها الشعري
وهذه المستويات في تعدد الصور الشعرية لديها يحيل الصور إلى إشكال غير منطقية أحيانا لا يمكن الوصول إلى معانيها الحقيقية إلا عبر استجلاء الدلالات النفسية في إطار التجربة الشعرية كلها
ولذلك يجب الأعتراف مسبقا بأن الأقتصار على الجانب الدلالي وحده لن يسعف في القبض على جوهر الصورة الشعرية عند نضال الدليمي
الصورة التشبيهية البسيطة
وهي من أبسط الأساليب الفنية في التصوير وأقلها قدرة على الإيحاء إذ تعتمد على التشابه الحسي بين الأشياء. وهذا التشبيه الذي يمكن أن يكون واحداً من أشكاله المعروفة كالتشبيه البليغ أو التمثيلي أو الضمني يشكل مع الوصف المباشر ـ الذي قد يتحقق إما بالمجاز أو بالتصوير الحقيقي ـ وسيلة من وسائل تكوين الصورة.
ويأخذ التشبيه البسيط طابعاً تقريرياً في غالب الأحيان إنه لحظة توقف تستجمع العناصر التي يتألف منها البناء المتعدد لإطراف الصورة الشعرية.
والمتتبع لمتن نضال الدليمي الشعري يلاحظ أن تشكيلها للصورة التشبيهية البسيطة تتم عندها بالإرتكاز على
التشخيص ويتم من خلال خلع الصفات الإنسانية على كل من المحسوسات والماديات. وهذه بعض الأمثلة
تقول الشاعرة نضال في القصيدة
ماذا أكتب عن الراحلين
وقصة العاشقين
من هنا وهناك.
حكايات
دونتها بين أسطري
الشاعرة هنا تقوم بعملية إنتقاء مجموعة من الصور بعناية فائقة تأخذ شكل تداعيات المعاني بحيث لا تقصد الشاعرة أن تكون كل صورة منها مقصودة لذاتها وإنما تشكل كل صورة عنصراًأساسياً من تركيب أكبر تتفاعل مع بقية عناصرها وتتكامل معها لتحدث في الأخير تأثيراً معيناً متكاملاً
يا أيها الفجر الحزين
أ أدين لك بالعرفان؟!
لأنها رحلت قبل عام
بطهرٍ وصلوات
حين ارتدت ثوبها الأبيض
وروحها الزكية....
تفوح بالمسك والجوري
ودعتها بقبلات
وغصت بين جوانحي الكلمات
.الشاعرة هنا تنتقي ركاما من الصور المتتالية في المقطع الشعري الواحد وتتم هذه العملية عن طريق الاستدعاء فتتعرج الصورة الشعرية، ولا تتوقف عند وظيفة تشبيه شيء بشيء آخر، بل تتحول إلى لوحة شعرية
ذلك تكون الصورة الشعرية قد إحتلت حيزاً هاما في متن نضال الدليمي الشعري وتعددت مستويات بنائها فقد انطلقت الشاعرة من الصورة التشبيهية البسيطة والغربية إلى الصورة المركبة ـ سواء من خلال حشد الصورة المفردة ـ أو من خلال تداعي الصـور ـ لتصل في النهاية إلى توظيف الصورة الكلية. وهذا ما يدل على أن فاعلية الصورة الشعرية عندها غنية بدلالاتها لأنها توسلت إليها عبر وسائط متعددة في محاولته للإحاطة بعالمها الشعري
نص الشاعرة نضال الدليمي
-------
**رثاء في زمن كورونا **
ماذا أكتب عن الراحلين
وقصة العاشقين
من هنا وهناك......
حكايات
دونتها بين أسطري
منقوشة في الأعماق
وحين عاد تموز
محملا بالآهات
يا أيها الفجر الحزين
أ أدين لك بالعرفان؟!
لأنها رحلت قبل عام
بطهرٍ وصلوات
حين ارتدت ثوبها الأبيض
وروحها الزكية....
تفوح بالمسك والجوري
ودعتها بقبلات
وغصت بين جوانحي الكلمات
أيتها الأيام القاسية
دعيني اليوم
أناجي أحبتي
أودعهم بقبلة أخيرة
أما للعاشقين فيك اختيار
متى كنا نودع أحبتنا
دون بكاء
دون دمع ورثاء
جهنمية تلك الأيام
قلق يشرد الأفكار
كورونا أي لعنة
شبح يدور ويمرح
يغتال المدن
دون أن تراه الأنظار
يحصد الأرواح بلا ترفق
أي وباء هذا....
أحياء بين أوجاع الخوف
وألم الرحيل .....
هجرتنا المساجد
والأسواق والدروب
وفي الازقة يختبئ الأمان
والرعب تمكن من القلوب
يمزق الأرواح
يكتم الأنفاس في الحناجر
وألم الرحيل....
يلوح للموت بالموت
دون رحمة أو سابق إنذار
----
سهير البحراني-لبنان
قراءة نقدية
جمالية الصور الشعرية في رثاء كورنا للشاعرة نضال الدليمي




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة مملكة الحب ///بقلم الكاردينيا د. ملاك محمد السامرائي

مجلة مملكة الحب ///بقلم حسن الموسوي