مجلة مملكة الحب// بقلم أياد النصيري

الإبداع الشعري في زمن الحجر الصحي
غنائية نضال الدليمي في زمن كورونا
أياد النصيري
_____________
كثيراً ما أقرأ في التواصل الأجتماعي وفي مجلات وصحف كتابة نقد عن نصوص جديدة مهما كانت قصيرة أو مطولة يعتمد فيها الناقد على تحليل تلك النصوص بمصطلحات ورموز ويشرح عن النحو والبلاغة وأكثر القراء هذا لايعنيهم اطلاقا مثل هذا النقد الخاص بالنص لأن القارىء البسيط والمتلقي يريد أن يفهم محتوى النص يريد أن يتقرب للشاعر أو القاص او الكاتب كي يعيش معه أجواء مضمون النص يريد أن يفهم لماذا هذا النص ولمن يرمز وأكثر الشعراء يكتبون عناوين قصائدهم عن حدث جديد كي يلفتوا أنظار القراءعن الحالة اليومية للحدث المعاصر وكذلك عن الحب لأنه هو الوسيلةالمنعشة للقراءة بعدما ملوا من الحروب والدمار والقتال الناقد يجب أن يكون الأقرب للشاعر لا يشرح عن النص بمصطلحات أدبية واجنبية هذا رأيي الخاص لأن القارىء لايحبذ مثل كذا نقد يأتي باسلوب مغايرا لأدوات نقده
فقد ظهر لنا من خلال ما سبق تلك المواضع التي من شأنها أن يعيش الأديب حالته مع تفشي جائحة كورونا خلال المرحلة الأخيرة الحديثة في عالمنا الكوني لدينا نص مشابه للحدث اليومي في عالمنا الا وهو فايروس كورنا حيث اعتمدت الشاعرة نضال الدليمي
على المفارقة في عنونة بعض قصائدها الشعرية وكان لهذه المفارقة لمسة
جمالية فنية مهمة في طبيعة هذا العنوان فإن العنوان لا شك دليل على القصيدة
فحين يكون العنوان متضمناً لهذا القدر من المفارقة فإنه يوحي بعمل أدبي فني يحمل
روحاً من اللا مألوف ويمنح القصيدة مزيداً من الجمال والفن
مع المعاناة والحياة والعوز في الحياة التي تعيشها الشاعرة والتي تريد منحها الكثير من المقابلات ليس بطريقة الرفض لها بل بفضح ما يمكن فضحه بجرأة قابلة للانشطار الشعري عنونة الشاعرة نضال الدليمي نص قصيدتها _رثاء في زمن كورونا
فالعنوان الرئيس هو البوابة الكبرى لمدينة الشعر.. منها يمكن معرفة الدواخل والغايات والقصديات وحتى الغايات الشعرية وما يمكن ان تشهده النصوص الشعرية من تراكيب لغوية فهو عنوان يعبر عن العطش والخلو والأزمة والعوز والحرمان
 عكست إحساساتها
ورؤاها على زخم من الأشياء والأحياء والظواهر الطبيعية في إطار صياغة ترميزية
تتكئ إلى آلية الإسقاط النفسي الذي ينظم العلاقات الدلالية الموصلة بين الذات الفردية
والذات والذاكرة الجمعية وما توحية من هموم إنسانية مشتركة وبؤر ثقافية وفكرية
متوارثة تمنح الهم الفردي بصمات خاصة أكثر سعة وإنسانية
الحجر لم يسلُبِ الشاعرة حريتها الإبداعية بل على العكس حولها الى بؤرة حرية تسافر في كل مكان بخيالها الشعري الواسع وتلتقط صورًاناضجة في الإيحاء لواقع جديد فرَضه الوباء وتساوت فيه المخلوقات بفعل الخوف وبفعل الضعف الإنساني أمام المجهول العادل
الشاعرة  وإن كانت وفيّة لتجربتها الحياتية إلا أنها تعي تمام الوعي بمتطلبات النص الشعري الحديث بل وتبرع فيه بكل العمق والجمال وتجربتها الشعرية في  الحجر الصحي هي استلهامات تنمّ عن ذكاء شعري في التقاط الفكرة عبر  تقنية الكثافة والتركيز في القول ذكاء يؤكد أننا أمام شاعرة متميزة تجعل الشعر طوع موهبتها الشعرية الموسومة بالإبتكار والتجديد 
وهنا تتجلى قوة الانصهار مع الحدث مفردات يومية/ومشاهد اجتماعية أثْرت بنائها للنص ونهضت بمكنوناته مع العناية بكثافة الصورة  مفردات وظفتها الشاعرة في التقاطات شعرية ممهورة بالتجربة الشخصية حيث تشكل الذاتية أهم المصادر الإلهام
ومن أجل اكتمال البناء الشعري فأنها تلجا الى منح الجسد النصي خاصية التقطيع عبر الفراغات بهدف ايجاد علاقات زمنية مرة او الانتقال من معنى الى أخر في ذات الاتجاه ليكون حاصل الجمع الكلي هو هذا الرفض لما هو متوافر وموجود من عمليات الم
لم تكن نضال الدليمي غريبة عن فنّ المراثي في شعرها كما في نثرها فالشعر لديها يضمر حالاً من الرثاء غير المعلن حتى في أوج حماستها الغنائية وإصرارها على الأمل والحب وانحيازها إلى ما يستحق أن يُعاش على الأرض. لكنه رثاء لا يسعى إلى الظهور لئلا يُتهم بالرومنطيقية العارية والبكاء والشجو. بل هو رثاء يؤثر على طريقة لوركا وبابلو نيرودا أن يستحيل (نشيداً عاماً) ولكن خافت النبرة  عميقاً ومتوارياً خلف غنائيتها المجروحة
هذه ليس  للمرة الأولى تكتب  الدليمي عن الرثاء لها في ذلك نصوص موازية لهذا النص حيث تأخذ  الأشياء وتستنطقها  تكتب على لسانها وتروي أحاسيس الأشياء مثل الأطياف والظلال  والتراب
لغتها عذبة جميلةفي فصحى تستعذبها
 الشاعرة هاهي حين تظهر ضجيج روحها في كلماتٍ غضبى و مُتأخرة عن البُكاء هكذا منحت الدليمي قراءة صوتا يعدُ بفاجعة الرثاء الذي يعلو قلبَ أربعينية فقدت في عُتمة الحياة ضوء الفرح 
ستقرأها و كأنك تمر من  أمامك صورها النثرية بعضها تلك الرائحة  جنائزية هي ما تفتأ أن تُقيد مشاعرك بهاجس الموت و هاجس الغياب  فمرات هو الجدار و مراتٍ هو ظل فقد صاحبه و مراتٍ هو ذكرى لشقيقتها التي هي بمثابة تووأم روحها مرت  كل ذكرياتها أمام  روحها بجانب  لاضير إذا من بعض التعب إن كان مُجرد تعبٍ
نص  الشاعرة نضال الدليمي
-------
**رثاء في زمن كورونا **
 ماذا أكتب عن الراحلين
وقصة العاشقين
من هنا وهناك......
حكايات
دونتها بين أسطري 
منقوشة في الأعماق
وحين عاد تموز
محملا بالآهات 
يا أيها الفجر الحزين
أ أدين لك بالعرفان؟!
لأنها رحلت قبل عام
 بطهرٍ وصلوات
حين ارتدت ثوبها الأبيض
وروحها الزكية....
تفوح بالمسك والجوري
ودعتها بقبلات
وغصت بين جوانحي الكلمات
أيتها الأيام القاسية
دعيني اليوم
أناجي أحبتي
أودعهم بقبلة أخيرة
أما للعاشقين فيك اختيار
متى كنا نودع أحبتنا
دون بكاء
دون دمع ورثاء
جهنمية تلك الأيام
قلق يشرد الأفكار
كورونا أي لعنة
شبح يدور ويمرح
يغتال المدن
 دون أن تراه الأنظار
 يحصد الأرواح بلا ترفق
أي وباء هذا....
أحياء بين أوجاع الخوف
وألم الرحيل .....
هجرتنا المساجد
والأسواق والدروب
وفي الازقة يختبئ الأمان
والرعب تمكن من القلوب
 يمزق الأرواح
يكتم الأنفاس في الحناجر
وألم الرحيل....
يلوح للموت بالموت
دون رحمة أو سابق إنذار
----------
أياد النصيري -العراق -2020 
 قراءة نقدية   لقصيدة الشاعرة نضال 
الدليمي رثاء في زمن  كورونا




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة مملكة الحب ///بقلم الكاردينيا د. ملاك محمد السامرائي

مجلة مملكة الحب ///بقلم حسن الموسوي